مايضُاف جديداً على موقع العلامة / ربيع بن هادي عمير المدخلي - حفظه الله -

مدونة : أبوأنس بن جمال

قال الشاطبي الإمامـ - رحمه الله - ( كل من ابتدع في دين الله فهو ذليل حقير بسبب بدعته ، و إن ظهر لبادئ الأمر في عزّه و جبروته ، فهم في أنفسهم أذلاء ، ألا ترى أحوال المبتدعة في زمان التابعين ، و فيما بعد ذلك ؟! حتى تلبسوا بالسلاطين و لاذوا بأهل الأرض ، و من لم يقدر على ذلك استخفى ببدعته ، و هرب بها عن مخالطة الجمهور ) , [ الاعتصام ، للشاطبي : 1/126 ].

السبت، 16 فبراير 2013

لحوم العلماء مسمومة الشيخ العلامة / عبيد بن عبد الله الجابرى - حفظه الله -





                 هذه المقوله "لحوم العلماء مسمومه" من المقولات التي يريد بها الحق أُناس ويريد بها الباطل آخرون
                    
قال الشيخ عبيد الجابري حفظه الله:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلله فلا هادي له ، وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد
:
  (1)
إن هذه المقوله "لحوم العلماء مسمومه" من المقولات التي يريد بها الحق أُناس ويريد بها الباطل آخرون.
  (2)
فالحركيون، وأساطين فقه الواقع، ودعاة الحزبية، يلوونها إليهم ويرفعونها في وجه كل من يتصدى لهم، كاشفاً لانحرافهم، فيقولون: "لحوم العلماء مسمومه"، ويعنون أنفسهم ورموزهم وقاداتهم.
  (3)
ومرادهم أن لا يرد على أحد، ولا يبين عوار أحد، ولا يكشف عوار أحد، حتى يخلوا لهم الجو، فيوجهوا الناس كما شاءوا، ويقودوهم إلى البدع والانحراف والضلال وتفريق كلمة هذه الجماعة، جماعة أهل السنة والأثر.
  (4)
وأهل السنة يستعملونها، وهي لصالحهم.
  (5)
وأهل السنة يرفعون هذه الكلمة في وجوه المبتدعة دفاعاً عن أئمة الهدى وأئمة الحق، فلحومهم مسمومه، بلا شك.
  (6)
أما أهل البدع والضلال والانحراف، فلحومهم لا كرامة لها.
  (7)
ونحن حينما نرد على هؤلاء، لا نرد عليهم لذاتهم ولا لأشخاصهم، لكن لما نشروه بيننا من الانحراف والجهالات والضلالات، ولما أشاعوه من الفرقة، بركوبهم البدع، فلا كرامة لهم حتى يعودوا إلى الحق والسنة. وقام الدليل من الكتاب والسنة وإجماع الأئمة على أنه لا كرامة لهؤلاء.
  (8) 
والذي يتأمل النصوص يظهر له ذلك جليا. قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "سيكون أُناس يحدثونكم بما لم تسمعوه أنتم ولا أباؤكم، فإياكم وإياهم". وحذَّر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أهل الأهواء، وحذَّر من الخوارج، وأمر بقتلهم وقتالهم، ووعد أن يقاتلهم إن لقيهم، ووعد على ذلك بالأجر.وحذَّر من القدرية وقال فيهم:"إنهم مجوس هذه الأمة"، وحذَّر من المسيح الدجال الذي يخرج أخر الزمان حتى قال قائلٌ من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "إن كنا لنظنه أنه في طائفة النخل" أي قريب منهم.
(9)    
  وحذر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تحذيراً عاماً، وتحذيراً خاصاً، من ذلكم حديث افتراق الأمم، ومشى أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأئمة السنة من بعده على ذلك.
(10)
  وهذا عمر الفاروق ـ رضي الله عنه ـ يقول: "إياكم وأهل الرأي، فإنهم أعيتهم أحاديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يحفظوها فقالوا بالرأي، فضلوا وأضلوا".
(11)
  وروى اللاكائي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ، قال: "والله ما أظن أن أحد أحب إلى الشيطان هلاكاً مني اليوم "، قيل: وكيف؟ قال: "تحدث البدعة في المشرق أو المغرب، فيحملها الرجل إلي، فإذا أنتهت إلي قمعتها بالسنة فترد عليهم".
(12)
  وذكر الذهبي في السير وغيره عند ترجمته عمر بن عبيد المعتزلي القدري عن عاصم الأحول، قال: كنا في مجلس قتاده، فذكر عمر بن عبيد، فوقع فيه، قلت: (أي عاصماً): "ما أرى أهل العلم يرد بعضهم" أو قال: "يقع بعضهم في بعض"، قال قتاده: " أما تدري يا أحول أن الرجل إذا ابتدع بدعه، يجب أن يذكر ليعلم".
  (13)
والذي خبر كتب أهل السنة، مثل: الإبانة لابن بطه، وشرح أصول الاعتقاد لللاكائي وغيرها، يظهر له ذلك جليا، وأن السلف مجمعون على التحذير من البدع وأهلها، من ذلكم ما قاله مصعب بن سعد ـ رحمه الله ـ، قال: "لا تجالس مفتوناً، فإنه لن يخطئك منه إحدى اثنتين، إما أن يفتنك فتتابعه أو يؤذيك قبل أن تفارقه".




الجمعة، 1 فبراير 2013

علم الجرح والتعديل بين المعترض والمقتدي ؛ لفضيلة الشيخ / أبى عبد المعزّ محمّد على فركوس - حفظه الله -

                                                                     علم الجرح والتعديل بين المعترض والمقتدي
السؤال:
يحصر البعضُ عِلْمَ الجرحِ والتعديلِ في الروايةِ فقط، ويعدّ طريقَ تجريحِ الدعاةِ غِيبةً محرَّمةً، ويُرجع سببَ كلِّ بلاءٍ وشقاءٍ وشقاقٍ حصل للسلفيّين في وقتِنا الحاليِّ إلى من تولّى الصدارةَ في تجريحِ الدعاةِ السلفيّين، فما رأيُ فضيلتِكم في هذا القولِ وفيمن يطعنُ في أهلِ الجرحِ باللعنِ والسبِّ والتقبيحِ؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فعلمُ الجَرْحِ والتعديلِ يُعَدّ من أهمِّ علومِ الحديثِ وأعظمِها شأنًا وأبعدِها أثرًا، إذ به يتميّز الصحيحُ من الضعيفِ، والمقبولُ من المردودِ، والأصيلُ من الدخيلِ.
والكلامُ في الرُّوَاةِ والشهودِ والدعاةِ ضرورةٌ للكشفِ عن أحوالِهم صيانةً للسنّةِ المطهَّرةِ، وحفظًا للشريعةِ، وتحذيرًا للمسلمين، وتثبيتًا للحقوقِ.

وجرحُ المجروحين من الرُّوَاةِ والشهودِ والدعاةِ من الأسبابِ المبيحةِ للغِيبةِ بإجماعِ المسلمين، بل قد يكون واجبًا للحاجةِ، وقد استُثْنِيَ من أصلِ الغِيبةِ المحرَّمةِ لأنّ غرضَه صحيحٌ وشرعيٌّ، قال ابنُ دقيقٍ العيد -رحمه الله-: «... وكذلك القولُ في جَرْحِ الرُّوَاةِ والشهودِ والأمناءِ على الصدقاتِ والأوقافِ والأيتامِ ونحوِهم، فيجب تجريحُهم عند الحاجةِ ولا يحِلّ السَّتْرُ عليهم إذا رأى منهم ما يقدح في أهليّتِهم، وليس هذا من الغِيبةِ المحرَّمةِ، بل من النصيحةِ الواجبةِ»(١)، وقال الصنعانيُّ -رحمه الله- في مَعْرِضِ ذكرِ مستثنَيَاتِ الغِيبةِ: «الرابع: التحذيرُ للمسلمين من الاغترار: كجَرْحِ الرواةِ والشهودِ، ومَن يتصدّر للتدريسِ والإفتاءِ مع عدمِ الأهليّةِ، ودليلُه قولُه صلّى اللهُ عليه وسلّم: «بِئْسَ أَخُو العَشِيرَةِ»(٢)، وقولُه صلّى اللهُ عليه وسلّم: «أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ»، وذلك أنها «جاءتْ فاطمةُ بنتُ قيسٍ تستأذنه صلّى اللهُ عليه وسلّم وتستشيره، وتذكر أنه خطبها معاويةُ بنُ أبي سفيانَ وخطبها أبو جهمٍ، فقال: أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لاَ مَالَ لَهُ، وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلاَ يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، ثُمَّ قَالَ: انْكِحِي أُسَامَةَ»(٣) الحديث»(٤).
والكلامُ في بيانِ أحوالِ المجروحين يُعَدّ وسيلةً لا غايةً في حدِّ ذاتِه، لا يقوم بهذه المهمّةِ إلاّ أهلُ العلمِ المعروفون بالأمانةِ والنزاهةِ والعدلِ في الحكمِ مع الدقّةِ في البحثِ عن أحوالِهم، إلى جانبِ التقوى والورعِ والتجرّدِ من التعصّبِ والهوى والتزامِ الحَيْطةِ والأدبِ في نقدِ الرجالِ؛ حذرًا من انتهاكِ الأعراضِ وتجريحِ الناسِ من غير مسوِّغٍ شرعيٍّ، لذلك اشترط العلماءُ في قَبولِ الجرحِ بيانَ سببِه مفصَّلاً على أرجحِ الأقوالِ، وهو اختيارُ ابنِ الصلاحِ والنوويِّ وغيرِهما(٥)، ذلك لأنّ الناسَ قد يختلفون في أسبابِ الجرحِ: فقد يُقبل تجريحُه وقد يُرَدُّ بحسَبِ إدراكِ صحّةِ سببِه أو تفاوُتِ أنواعِه، ولا يُعَوَّلُ على تجريحِ الأئمّةِ العُدولِ في إثباتِ الجرحِ وترتيبِ نتائجِه عليه من غيرِ ذكرٍ لسببِ الجرحِ، وإنما يُعتمد على جرحِهم غيرِ المفسَّرِ في التوقُّفِ في المجروحِ حتى يتبيّن حالُه.

فالعلماءُ من أهلِ الأثرِ وأهلِ النظرِ -الذين قاموا بما أوجب اللهُ عليهم من حمايةِ الدينِ والعقيدةِ والسنّةِ- هم ورثةُ الأنبياءِ وحَمَلَةُ الدينِ، وقد أجمع العلماءُ على هدايتِهم ودرايتِهم، فلا يجوزُ الطعنُ فيهم وتنقُّصُهم حتى ولو حصل خطأٌ في الاجتهادِ لأنهم طلبوا الحقَّ بدليلِه، فعملُهم صوابٌ وإن لم يُوفَّقوا لإصابةِ الحقِّ، إذ الفرقُ قائمٌ بين الصوابِ والإصابةِ(٦).
وتقريرًا لهذا الأصلِ من أصولِ أهلِ السنّةِ يقول أبو جعفرٍ الطحاويُّ -رحمه الله-: «وعلماءُ السلفِ من السابقين ومَن بعدهم من التابعين -أهلِ الخير والأثر، وأهلِ الفقه والنظر- لا يُذكرون إلاَّ بالجميلِ، ومن ذكرهم بسوءٍ فهو على غيرِ السبيلِ»، قال الشارحُ: «قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥]. فيجب على كلِّ مسلمٍ بعد موالاةِ اللهِ ورسولِه موالاةُ المؤمنين، كما نطق به القرآنُ، خصوصًا الذين هم وَرَثةُ الأنبياءِ، الذين جعلهم اللهُ بمنزلةِ النجومِ، يُهدى بهم في ظلماتِ البرِّ والبحرِ. وقد أجمع المسلمون على هدايتِهم ودرايتِهم، إذ كلُّ أمّةٍ قبل مبعثِ محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم علماؤُها شرارُها، إلاّ المسلمين، فإنّ علماءَهم خيارُهم، فإنهم خلفاءُ الرسولِ من أمّتِه، والمُحْيُون لِمَا مات من سنّته، فَبِهم قام الكتابُ وبه قاموا، وبهم نطق الكتابُ وبه نطقوا، وكلُّهم متّفِقون اتّفاقًا يقينًا على وجوبِ اتّباعِ الرسولِ صلّى الله عليه وسلّم، ولكنْ إذا وُجد لواحدٍ منهم قولٌ قد جاء حديثٌ صحيحٌ بخلافِه فلا بدَّ له في تركِه من عذر. وجِماعُ الأعذارِ ثلاثةُ أصنافٍ:

أحدُها: عدمُ اعتقادِه أنَّ النبيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّم قاله.

والثاني: عدمُ اعتقادِه أنه أراد تلك المسألةَ بذلك القولِ.

والثالثُ: اعتقادُه أنَّ ذلك الحكمَ منسوخٌ.

فلَهُمُ الفضلُ علينا والمِنّةُ بالسبقِ، وتبليغِ ما أُرسل به الرسولُ صلّى اللهُ عليه وسلّم إلينا، وإيضاحِ ما كان منه يخفى علينا، فرضِيَ اللهُ عنهم وأرضاهم»(٧).
هذا، ولا تنبغي المبادرةُ بالاعتراضِ على علماءِ الأمّةِ الموثوقِ بعلمِهم وأمانتِهم في موضعِ الاجتهادِ، ونقدِهم دون تثبُّتٍ وتبيُّنٍ وتوثُّقٍ، فإنّ الاعتراضَ من أجلِ ذاتِ الاعتراضِ والنقدِ ليس له تفسيرٌ إلاَّ إرادةَ الحطِّ من شأنِ العلماءِ، والتقليلِ من قدرِهم، وتهوينِ مناصبهم، وتقصُّدَ المعترِضِ إلى إثباتِ ذاتِه والعلوِّ بنفسِه، ومن رمى مِن وراءِ اعتراضِه إلى الوصولِ لهذه المقاصدِ فهو من أهلِ الاعتراضِ لا من أهلِ الاقتداءِ، قال الشاطبيُّ -رحمه الله-: «إنّ العالمَ المعلومَ بالأمانةِ والصدقِ والجريِ على سُننِ أهلِ الفضلِ والدينِ والورعِ إذا سُئل عن نازلةٍ فأجاب، أو عرضتْ له حالةٌ يبعُدُ العهدُ بمثلِها، أو لا تقعُ من فهمِ السامعِ موقعَها، أنْ لا يُواجَه بالاعتراضِ والنقدِ، فإن عَرَضَ إشكالٌ فالتوقّفُ أَوْلى بالنجاحِ، وأحرى بإدراكِ البُغْيةِ إن شاء اللهُ تعالى»(٨).
أمّا إن كان الاعتراضُ صحيحًا مبنيًّا على التوثّقِ والتثبُّتِ وصدقِ النيّةِ وظهورِ الحجّةِ، ومصحوبًا بأدبِ الحوارِ والمناقشةِ، فذلك مطلوبٌ شرعًا للإجماعِ على عدمِ عصمةِ العلماءِ من جهةٍ، وللتعاونِ الأخويِّ المبنيِّ على البرِّ والتقوى والتواصي بالحقِّ من جهةٍ ثانيةٍ، وهو مشمولٌ بقولِه تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: ٢]، وقولِه تعالى: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ﴾ [العصر: ٣]، وقولِه تعالى: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ﴾ [البلد: ١٧].

أمَّا إذا تحوّل غرضُ المعترِضِ إلى النَّيْلِ من ذاتِ علمِ الجرحِ والتعديلِ والطعنِ في أهلِه والتشاؤمِ منهم لأنهم سببُ الشقاءِ والشِّقاقِ والفُرْقةِ وأنواعِ المصائبِ المنجَرَّةِ عن توظيفِ هذا العلمِ والغلوِّ فيه؛ فإنّ الطاعنَ في حكمِه ودعوتِه متَّبعٌ غيرَ سبيلِ المؤمنين، بل إنّ تشاؤُمَه من جنسِ تطيُّرِ المشركين بالأنبياءِ وأتباعِ الأنبياءِ، قال تعالى: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ﴾ [الأعراف: ١٣١]، ومثل الذين تطيّروا بالنبيِّ صلّى الله عليه وآله وسلَّم، فقد قال اللهُ تعالى عنهم: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ﴾ [النساء: ٧٨].

ولا شكَّ أنّ البغيَ على الخلقِ بَلْهَ خيارهم والاستعلاءَ عليهم -بحقٍّ أو بغيرِ حقٍّ- خُلُقٌ مَمْقوتٌ وذميمٌ لا يعكس المنهجَ التربويَّ السويَّ، وبعيدٌ عن دعوةِ أهلِ السنّةِ والجماعةِ الذين التزموا في طريقِ دعوتِهم التمسّكَ بمعالي الأخلاقِ وكريمِ الآدابِ ونَهَوْا عن سفسافِها: رديئِها وحقيرِها، قال ابنُ تيميّةَ -رحمه الله- موضِّحًا دعوتَهم: «ويدعون إلى مكارمِ الأخلاقِ، ومحاسنِ الأعمالِ، ويعتقدون: معنى قولِ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا»(٩) ... وينهَوْن عن الفخرِ والخُيَلاَءِ والبغيِ، والاستطالةِ على الخلقِ بحقٍّ أو بغيرِ حقٍّ، ويأمرون: بمعالي الأخلاقِ وينهَوْن عن سفسافِها، وكلُّ ما يقولونه أو يفعلونه من هذا أو غيرِه فإنما هم فيه متّبعون للكتابِ والسنّةِ، وطريقتُهم: هي دينُ الإسلامِ الذي بعث اللهُ به محمّدًا صلّى الله عليه وسلّم»(١٠).
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلّى الله على محمَّدٍ، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١٠ جمادى الثانية ١٤٣٢ﻫ

الموافق ﻟ: ١٣ مايو ٢٠١١م



(١) «شرح الأربعين النوويّة» لابن دقيق العيد (١٢٠).
(٢) أخرجه البخاري في «الأدب» باب «لم يكن النبي صلّى الله عليه وسلّم فاحشًا ولا متفحّشًا» (٦٠٣٢)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٣) أخرجه مسلم في «الطلاق» (٢/ ٦٨٦) رقم (١٤٨٠) وغيره من حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، وفيه من حديث مسلم: «... فَلَمَّا حَلَلْتُ، ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا أَبُو جَهْمٍ، فَلاَ يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لاَ مَالَ لَهُ، وَلَكِنْ انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ»، فَكَرِهْتُهُ، ثُمَّ قَالَ: «انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ» فَنَكَحْتُهُ، فَجَعَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ خَيْرًا، وَاغْتَبَطْتُ بِهِ».
(٤) «سبل السلام» للصنعاني (٢/ ٦٧٠).
(٥) «تدريب الراوي» للسيوطي (١/ ٣٦١،٣٩٤)، «الرفع والتكميل» للكنوي (١١٨ - ١١٩).
(٦) قال الشوكانيُّ -رحمه الله- في «إرشاد الفحول» (٢/ ٢٣٤): «وفرقٌ بين الإصابةِ والصوابِ، فإنّ إصابةَ الحقِّ هي الموافقةُ، بخلافِ الصوابِ فإنه قد يُطْلَق على من أخطأ الحقَّ ولم يُصِبْه، من حيث كونُه قد فعل ما كُلِّفَ به واستحقَّ الأجرَ عليه، وإن لم يكن مصيبًا للحقِّ وموافِقًا له».
(٧) «شرح العقيدة الطحاويّة» لابن أبي العز الحنفي (٢/ ٧٤٠ - ٧٤١).
(٨) «الموافقات» للشاطبي (٥/ ٤٠٠).
(٩) أخرجه أبو داود في «السنّة» باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه (٤٦٨٢)، والترمذي في «الرضاع» باب ما جاء في حقّ المرأة على زوجها (١١٦٢) وتمامه عند الترمذي: «وَخَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِنِسَائِهِمْ»، وأحمد (٧٤٠٢)، وابن حبان (٤٧٩)، والحاكم في «مستدركه» (١،٢)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وصحّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (١/ ٥٧٣) رقم (٢٨٤)].
(١٠) «العقيدة الواسطيّة» لابن تيميّة بشرح البرّاك (٢٨٨،٢٩٢).


Best Blogger Gadgets