مايضُاف جديداً على موقع العلامة / ربيع بن هادي عمير المدخلي - حفظه الله -

قال الشاطبي الإمامـ - رحمه الله - ( كل من ابتدع في دين الله فهو ذليل حقير بسبب بدعته ، و إن ظهر لبادئ الأمر في عزّه و جبروته ، فهم في أنفسهم أذلاء ، ألا ترى أحوال المبتدعة في زمان التابعين ، و فيما بعد ذلك ؟! حتى تلبسوا بالسلاطين و لاذوا بأهل الأرض ، و من لم يقدر على ذلك استخفى ببدعته ، و هرب بها عن مخالطة الجمهور ) , [ الاعتصام ، للشاطبي : 1/126 ].

الخميس، 1 نوفمبر 2012

وَقَفَاتٌ مَعَ جُهُودِ عُلَمَاءِ الدَّعْوَةِ السَّلَفِيَّةِ فِي نَجْدٍ فِي الرَّدِ عَلَى المُخَالِفِينَ


وَقَفَاتٌ مَعَ جُهُودِ عُلَمَاءِ الدَّعْوَةِ السَّلَفِيَّةِ فِي نَجْدٍ
فِي الرَّدِ عَلَى المُخَالِفِينَ
عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ آلُ عَبْدِ اللَّطِيْفِ

 الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالِمِيْنَ ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى أَشْرَفِ المُرْسَلِيْنَ نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ ، وَبَعْدُ :
فَالرَّدُّ عَلَى المُخَالِفِينَ سَوَاء كَانُوا مِنْ المُبْتَدِعَةِ ، أو الكَافِرِيْنَ ، أو المُنَافِقِيْنَ ، أو غَيْرِهِم نَوْعٌ مِنَ الجِهَادِ فِي سَبِيْلِ اللهِ تَعَالَى ؛ فَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ القُرُبَاتِ ، وَأَعْظَمِ الطَّاعَاتِ ، فَفِيْهِ إِظْهَارٌ لِلسَّنَةِ ، و تَحذِيرٌ مِنَ البِدْعَةِ ، وَقَضَاءٌ على الفِتْنَةِ ، و استِبانةُ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ.
وَالرَّدُّ عَلَى المُخَالِفِينَ لا يَكُوْنُ عَمَلاً صَالِحاً مَقْبُوْلاً إِلا إِذَا أُرِيْدُ بِهِ بَيَانُ الحَقِّ وَإِظهَارُهُ ، وَرَحْمَةُ الخَلْقِ وَهِدَايَتُهُم ، كما كان أَهْلُ السُّنَّةِ قَدِيْماً وَحَدِيْثاً : " يَعْلَمُونَ الْحَقَّ ، وَيَرْحَمُونَ الْخَلْقَ " .
ولَيْسَ الحَدِيْثُ عن عُلَمَاءِ نَجْدٍ تعصُّباً لإِقلِيْمٍ .. فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ دعَاوَى الجَاهِلِيَّةِ ونَعَرَاتِ القَوْمِيَّةِ ، لَكِنَّهُ الحَدِيْثُ عن الأَقْرَبِيْنَ ، مِمَّنْ لهم مَوَاقِفُ رَائِعَةٌ مَغْمُوْرَةٌ ، وأَيادٍ بَيْضَاءُ مَنْسِيَّة ، وَجِهَادٌ وَدَعْوَةٌ وَصَبَرٌ وَتَضْحِيَةٌ كَغَيْرِهِم ، فمع أن عُلَمَاءِ نَجْدٍ كَانُوا مُنْشَغِلِينَ بالتَّدْرِيْسِ والفُتْيَا وَالقَضَاءِ وَغَيْرِهَا إلا أَنَّهُم اجْتَهَدُوا فِي الرَّدِّ عَلَى المُخَالِفِينَ أيّاً كَانُوا ، فَصَدَعُوا بِالحَقِّ لا يَخافون فِي اللهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ ، ولم تَمنَعْهُم سَطْوَةُ أَحَدٍ مِنَ الخَلْقِ عن إِبلاغِ رِسَالَاتِ اللَّهِ تَعَالَى : " الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا " [ الأَحْزَاب : 39 ] .
اجْتَهَدَ عُلَمَاءِ نَجْدٍ فِي الرَّدِّ عَلَى المُخَالِفِينَ ، وَسَطَّرُوا كُتُباً كَثِيْرَةً ، وَرَسَائِلَ مُتَعَدِّدَةً فِي الرَّدِّ عَلَى طَوَائِفِ الكُفْرِ وَأَهْلِ البِدَعِ وَسَائِرِ المُخَالِفِينَ لِدِيْنِ اللهِ تَعَالَى ، وَدَوَّنُوا أَجوبَةً شَافِيَةً فِي إِزَالَة إِشكَالاَتٍ وَكَشْفِ شُبْهَاتٍ ، وَحَسْبُكَ أن تُلْقِيَ نَظْرَةً عَلَى الجُزْءِ التَّاسِعِ مِنْ كِتَابِ " الدُّرَرِ السَّنِيَّةِ فِي الأَجوبَةِ النَجْدِيَّةٍ " ، و كِتَابِ : " مُخْتَصَرَاتِ الرُدُودِ " وتَبْلُغُ صفحَات هَذَا الجُزْءِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مَائَةِ صَفحَةٍ من الحَجْمِ الكَبِيْرِ مع أن هَذَا الجُزْءَ يَقْتَصِرُ عَلَى بعضِ الرُدُودِ لا كُلِّهَا ، و عَلَى مُخْتَصَرَاتِ الرُدُودِ دون مُطوّلاَتِها لتُعْرَفَ مدى ذلك .
ومِن خِلالِ مُتَابَعَةٍ وَاطِّلاعٍ لجُمْلةٍ من هذه الرُدُودِ ، أَقفُ بعضَ الوقَفَاتِ :
1 - كَثْرَةُ الرُدُودِ وَتَعَدُّدِها وشَمُولُها :
مَا أَكْثَر الكُتُبِ وَالرَّسَائِلِ الَّتِي دَوَّنَها أُوْلَئِكَ العُلَمَاءُ فِي الرَّدِّ على المُنْحرِفين ، ومَا أَكْثَر القَصائِدِ الَّتِي نَظْمَهَا العُلَمَاءُ في الجَوَابِ عَلَى المُبْتَدِعَةِ وَبَقِيَّةِ المُخَالِفِينَ ، وقد تَمَيَّزَ بعضُ عُلَمَاءِ نَجْدٍ بِكَثْرَةِ الرُدُودِ وتعدُّدِها ، ومن ذَلِكَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَسَن بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ ( ت 1385هـ ) ، وَابْنُهُ العَلاَّمَةُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ ( ت 1393هـ ) ، وَالشَّيْخُ سُلَيْمَانُ بنُ سَحْمَان
( ت 1349هـ ) والشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّوْسَرِيُّ ( ت 1399هـ ) والشَّيْخُ حَمْوُدُ بنُ عَبْدِ اللهِ التُويْجْرِي ( ت1413هـ ) رَحِمَهُمُ اللهُ جَمِيْعاً .
ولقد كَتَبَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَسَنٍ ردّاً على دَاوُدِ بنِ جرجيس النَّقْشَبَنْدِي ، وَجملَةً مِنَ الرُدُودِ على عُثْمَانَ بنِ مَنْصُوْرٍ ، و ردّاً على ابنِ َحُمَيْدٍ صَاحِبِ " السُّحْبِ الوابِلَةِ " ، وردّاً على مَحْمُوْدٍ الكشميري ، وغيرهم .
وأما الرُدُودُ التي حَرَّرَها العَلاَّمَةُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ فهي كَثِيْرَةٌ ، منها : ردٌ مُطوّلٌ وآخرُ مختصر على دَاوُدِ بنِ جرجيس ، وَجملَةٌ مِنَ الرُدُودِ على عُثْمَانَ بنِ مَنْصُوْرٍ ، وَ " البرَاهينُ الإِسلامِيةُ فِي الرَّدِّ عَلَى الشُّبُهَاتِ َالفَارِسِيَّةِ " ، وَردٌ على الصَّحَّاف ، والبولاقي ، وابنِ عُمَيْرٍ ..
وأما الرُدُودُ التي كَتَبَهَا الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ بنُ سَحْمَان فهي كَثِيْرَةٌ جِداً ، منها : " الأَسِنَّةُ الحِدَادُ في الردّ على عَلَوِيٍّ الحَدَّادُ " ، وَ " الصَّوَاعِقُ المُرْسَلَةُ الشِهَابيةُ " الرد على مُحَمَّدٍ الكسم السُّوْرِيّ ، وَ " كشفُ غَياهِبِ الظَّلاَمِ " رداً على " مُخْتَارٍ العَظْم " ، وَ " الضِّيَاءُ الشارِقُ " رد اً على " الزهاوي " الشَّاعِرِ ، وله قَصائِدُ طَوِيْلَةٌ في دِيْوَانُهِ " عُقُودِ الجَوَاهِرِ المُنضدةِ الحِسَانِ في الرد على أَئِمَّةِ الضَّلاَلِ " مثل " أَحْمَد زيني دَحْلان " و " النَّبْهانِيِّ " وَنَحْوِهِم .
وَحَرَّرَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الدَّوْسَرِيُّ عَدَداً مِن المَقَالاَتِ والقَصَائِدِ في هَذَا البَابِ ، فَكَتَبَ ردّاً على أَحْمَدَ زَكِي رَئِيْسِ تَحْرِيْرِ مَجَلَّةِ " العَرَبِيَّ " ، وَنظم قصيدَةً فِي الرَّدِّ على الشَّاعِرِ القَرَوِيِّ ، وَردّاً على القُومِيينَ والاشتراكِيينَ في مَقَالاَتٍ مُتَعَدِّدَةٍ نُشِرَتْ في مَجَلَّةِ " رَايَةِ الإِسْلاَم " الَّتِي كَانَتْ تصدرُ في الرِياضِ ، ثمُّ توقَّفَت .
وَدَوَّنَ الشَّيْخُ حَمْوُدٌ التُويْجْرِي عِدةَ رُدُودٍ مِنها : " إِيضَاحُ المَحَجَّةِ فِي الرَّدِّ عَلَى صَاحِبِ طَنْجَةَ " ، ردّاً على أَحْمَدَ الصِّدِّيْقُ الغُمارِي ، وَ " الرَّدُّ القَوِيُّ على الرِّفَاعِيُّ وَالمَجْهُول وابنِ عَلَوِيّ " ، وَ " الانْتِصَارُ على من أَزْرَى بالمُهاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ " ردّاً على عَبْدِ اللهِ السَّعْدُ ، وَ السِّرَاجُ الوَهَّاجُ لِمحوِ أباطيلِ أَحْمَدَ شلبي عن الإِسْرَاءِ والمِعْراجِ " .
وَلَمْ يَقْتَصِرْ عُلَمَاءُ نَجْدٍ في رُدُودِهِم على طَائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَحَسْبُ ، بل شَمَلَتِ رُدُودهم جَمِيْعَ الطَّوَائِفِ وَالمبتدعَةِ ، فَكَتَبُوا في الرَّدِّ على الملاَحدَةُ ، والزّنَادقَةِ ، وَالنَّصَارَى ، وَالبَاطِنِيَّةِ ، وَالمتَصَوِّفَةِ ، والخُرَافِيين ، وَكَذَلِكَ الرَّدُّ عَلَى الرَّافِضَةِ ، وَالأَشَاعِرَةِ وَغَيْرِهِمْ .
2- تَنَوُّعُ الرُدُودِ حَسْبَ اخْتِلاَفِ الأَحْوَالِ :
تَنَوَّعَت رُدُودُ عُلَمَاءِ نَجْدٍ وَاخْتَلَفَتْ حَسْبَ ما اسْتَجَدَّ مِنْ الانْحِرَافَاتِ وَالْمُخَالَفَاتِ ، فَغَلَبَ عَلَى رَسَائِل أَئِمَّةِ الدَّعْوَةِ زَمَنَ الدَّوْلَةِ السُعُودِيَةِ الأُوْلَى الرَّدُّ عَلَى المُخَالفِيْن في تَوْحِيْدِ العِبَادَةِ لِكَثْرَةِ المُخَالِفِ آنَذَاكَ ، وَأَظْهَرُ مِثَالٍ على ذلك ما نَجِدُهُ في مُؤْلَفاتِ وَرَسَائِلِ الشَّيْخِ الإِمَامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ رَحِمَهُ اللهُ .
وَلَمَّا انْتَشَرَتْ الدَّعْوَةُ السَّلَفِيَّةُ فِي بَقِيَّةِ أَنْحاءِ الجَزِيْرَةِ العَرَبِيَّةِ وخَارِجَها احْتَاجَ الأَمْرُ إِلَى زِيَادَةِ بَيَانٍ وَتَفصيلٍ فِي مَبْحَثِ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ ، وَذَلِكَ لِغَلَبَةِ الانْحِراف فِي هَذَا البَابِ فِي كَثِيْرٍ من بِلاَدِ المُسْلِمِيْنَ ، كما نَجِدُهُ جَلِيّاً في رَسَائِلِ الشَّيْخِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أبي بطين
( ت1282هـ ) ، والشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَسَنٍ ، وَابْنِهِ العَلاَّمَةِ عَبْدِ اللَّطِيْفِ .
وفِي هَذَا الزَّمَانِ اسْتفحَلَ حُكُمُ الطَّاغُوتِ في بِلاَدِ المُسْلِمِيْنَ ، الذي تَمَثَّلَ في الْقَوَانِينِ الْوَضْعِيَّةِ ، فاهتم عُلَمَاءِ نَجْدٍ بِالرَّدِّ على تلك الْقَوَانِينِ ، ومن ذلك ما سَطَرَهُ العَلاَّمَةُ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ في رِسَالَتِهِ " تَحْكِيْمُ الْقَوَانِينِ " وفتَاويهِ وَأَجوبتهِ المُتَعَدِّدَةِ في تَقْرِيْرِ الْحَاكِمِيَّة للهِ تَعَالَى ، وَنَقْدِ الْمُؤَسَّسَاتِ الْوَضْعِيَّةِ وَالْأَنْظِمَةِ الطَّاغُوتِيةِ
[1] ، وَكَتَبَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الدَّوْسَرِيُّ كِتَاباً فِي ثَلاَثَةِ أَجزَاءٍ بعُنْوَانِ " الْحَقُّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ " في َنَقْدِ الْقَوَانِينِ الْوَضْعِيَّةِ .
وَلَمَّا ظَهَرَت مَوْجةُ الإِلحَادِ والاسْتِهْزاءِ بِالغَيْبِياتِ ، وَإِنْكَارِ وُجُوْدِ اللهِ تَعَالَى ، كما هو عند الشُّيُوعِيَّيْن ، انْبَرَى لهم عُلَمَاءُ نَجْدٍ ، فَكَتَبَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السِّعْدِيُّ ( ت 1376هـ ) رِسَالَةً بعُنْوَانِ " الأَدِلَّةُ القَواطِعُ وَالبرَاهينُ في إِبْطَالِ أُصُوْلِ المُلْحِدِيْنَ " ، وَكَتَبَ رِسَالَةً أُخْرَى بعُنْوَانِ " انْتِصَارُ الْحَقِّ " في المَوْضُوْعِ نَفْسِهِ .
وَكَتَبَ الشَّيْخُ بنُ سَحْمَان جَوَاباً عن أَسْئِلَةٍ أَلْقَاهَا بَعْضُ زَنَادِقَةِ عَصْرِهِ سنة 1332هـ ، حيث تَتضمَّنُ هذه الأَسْئِلَةُ طَعْناً فِي الحِكْمَةِ الإِلَهِيَّةِ فِي تشرِيعِ مَنَاسِكِ الحَجِّ ، وَسَمَّى جوَابَهُ " إِقَامَةُ الحُجَّةِ وَالدَّلِيْلِ وإِيضَاحُ المَحَجَّةِ والسَّبِيْلِ " .
وعندما زَاغَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلَيٍّ القَصِيمِيُّ ، تَصَدَّى له عُلَمَاءُ نَجْدٍ بِالرَّدِّ فَأَلَّفَ الشَّيْخُ السِّعْدِيُّ رِسَالَةً بعُنْوَانِ " تَنْزِيْهُ الدِّيْنِ وَحَمَلَتِهِ عَمَّا افْترَاهُ القَصِيمِيُّ في أَغْلاَلِهِ " ، وَأَلَّفَ الشَّيْخُ إِبْرَاهِيْمُ السويح ( ت 1369هـ ) كِتَاباً بعُنْوَانِ " بَيَانُ الهُدَى مِنَ الضَّلاَلِ في الرَّدِّ عَلَى صَاحِبِ الأَغْلاَلِ " ، وَصَنَّفَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ بنُ يَابِس ( ت1389هـ ) كِتَاباً بعُنْوَانِ " الرَّدُّ القَويمِ على مُلْحِدِ القَصِيمِ " .
3 - لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الرُدُودُ تَرَفاً أو فُضُولاً أو كَلاَماً بَارِدَاً :
لقد كان البَاعثُ على تَدْوِيْنِ تلك الرُدُودِ هو الغَيْرَةُ عَلَى دِيْنِ اللهِ تَعَالَى ، وَالذَّبُّ عن شَعَائِرِ اللهِ ، وَ الغَضَبُ لِحُرُمَاتِ اللهِ عَزَ وَجل ، فهذه ال جُهُودِ في الرَّدِّ علَى المُخَالِفِينَ من مُقْتَضَيَاتِ الوَلاَءِ وَالبَرَاءِ ، ومن لَوازِمِ الحُبِّ في اللهِ والبُغْضِ في اللهِ ، الذي يُعَدُّ أَوْثَقَ عُرَى الإِيْمَانِ كما أَخْبَرَ الصَّادِقُ المَصْدُوْقُ ، ومن ثَمَّ فإن أَحَدَهُم يَردُ عَلَى المُخَالِفِ أَياً كان ، سَوَاءً أَكَانَ حَاكِماً أو مَحَكُوماً ، قَرِيْباً ً أو بَعِيْداً ، مع مُراعَاتِهِم لأَحْوَالِ ِالنَّاسِ وَمَنَازِلَهِم ، وَمَدَى قُرَّبِهِم أو بُعْدِهِمْ عَنِ الحَقِّ ، فَعَلَى سَبِيْلِ المِثَالِ نَجِدُ الشَّيْخَ حَمَدَ بنَ عَتِيْقٍ ( ت1301هـ ) يَرُدُّ على اعتِرَاضَاتِ أَحَدِ الحُكَّامِ فِي زَمَانِهِ ، كما ردَّ على أَخْطَاءٍ فِي تَفْسِيْر " فَتْحِ البَيَانِ " لِلشَّيْخِ مُحَمَّدِ صِدِّيْق حسن رَحِمَهُ اللهُ ، وَكَانَ الشَّيْخُ حَمَدُ فِي غَايَةِ الصَّلاَبَةِ وَالشِّدَّةِ مع ذاك الحَاكِمِ ، بينما كَانَتْ رسَالَتُهُ إلى الشَّيْخِ مُحَمَّدِ صِدِّيْق حسن فِي غَايَةِ اللُّطْفِ وَاللينِ فَمَع مَا وَقَعَ فِيهِ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ صِدِّيْق من أَخْطَاءٍ وهَنَاتٍ فِي تَفْسِيْرِهِ ، ومع ما اشْتُهِرَ عن ابنِ عَتِيْقٍ مِن الغَيْرَةِ الإِيمَانِيَةِ وَالقُوَّةِ فِي دِيْنِ اللهِ تَعَالَى ، إلا أَنَّنَا نَجِدُ الشَّيْخَ ابنَ عَتِيْقٍ يَلْتَمِسُ لمُحَمَّدِ صِدِّيْق المَعَاذِيْرَ ، ويُحْسِنُ الظَّنَّ بِهِ ، لِما كان عليه مُحَمَّدُ صِدِّيْق من عُمُوْمِ لاتِّبَاعِ لمَذْهَبِ السَّلَفِ الصَّالِحِ .
لقد صَدَعَ الشَّيْخُ بِكَلِمَةِ الحَقِّ أَمَامَ حُكَّامِ زَمَانِهِ ، فلم يُدَاهنْ أَحَداً منهم بل رَدَّ عليهم دون خوفٍ فَقَالَ في إِحْدَى رَسَائِلِه مُخاطِباً أَحَدَهُمْ : " وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ من التّخويفَاتِ فجوَابُهُ : " إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم " [ هود : 56 ] ، و نصَدَعُ بالحَقِّ إِنْ شَاءَ اللهُ ، ولاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِهِ ، ولا يَمْنَعُنا من ذلك تّخويفُ أحدٍ
[2] .
ولا غَرابَةَ أَنْ يَقُوْمَ الشَّيْخُ هَذَا المَقَامَ الرّفِيعَ ، فلقد كان من الْمُدَافِعِين عَنْ هَذَا الدَّيْنِ ، وَالْغِيرَةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَانَتْ شُغْلَهُ الشَّاغل ، وهَمُّهُ الوَحِيدُ ، حتى إِنّهُ كَتَبَ جَوَاباً لمن عَزَّاهُ في وَفَاةِ ابْنَيْهِ قَائِلاً : " وَلَكِنْ وَاللهِ مَا بَلَغْت مُصِيْبَتِي الابْنَينِ مِعشَارَ ما بَلغ بي من المُصِيْبَةِ التي حَلتَ بِكَثِيْرٍ مِنَ الإِخْوَانِ .. بَيْنَمَا الرَّجُلُ يَدْعُو إِلَى التَّوْحِيْدِ ، وَيُحَذِّرُ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ إذا هو مُنْقَلِبٌ عَلَى عَقِبَيْهِ "
[3]
--------------------
[1] انظر فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم 12/250 ، 254 ، 264 ، 270 ، 468 .
[2] الدرر السنية في الأجوبة النجدية 7/261 .
[3] هداية الطريق في رسائل وفتاوى الشيخ حمد بن عتيق ص 229 .

 
هل أعجبك الموضوع ...؟

اشترك معنا و تابع جديد المدونة :)

كن من متابعينا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جزاكـمـ الله خيراً
أخوكمـ (أبوأويس أحمد بن جمال )

Best Blogger Gadgets