مايضُاف جديداً على موقع العلامة / ربيع بن هادي عمير المدخلي - حفظه الله -

قال الشاطبي الإمامـ - رحمه الله - ( كل من ابتدع في دين الله فهو ذليل حقير بسبب بدعته ، و إن ظهر لبادئ الأمر في عزّه و جبروته ، فهم في أنفسهم أذلاء ، ألا ترى أحوال المبتدعة في زمان التابعين ، و فيما بعد ذلك ؟! حتى تلبسوا بالسلاطين و لاذوا بأهل الأرض ، و من لم يقدر على ذلك استخفى ببدعته ، و هرب بها عن مخالطة الجمهور ) , [ الاعتصام ، للشاطبي : 1/126 ].

الأربعاء، 19 ديسمبر 2012

هل كان الخروج على الحاكم مذهباً قديماً للسلف؟!!



جواب فضيلة الشيخ / هشام بن فؤاد البيلي – حفظه الله -

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن اتبع هداه... وبعدُ:
ففي سؤالٍ وُجِّهَ لفضيلة الشيخ «هشام بن فؤاد البيلي» -حفظه الله-، قال السائلُ: «هل صحيحٌ أنه كان في أول الأمر من منهج السلف الخروج على الحاكم الظالم ثم استقر على عدم الخروج، أرجو الإجابة على هذه الشبهة؟»

أجابَ الشيخُ -حفظه الله-:
«
هذه شبهة يثيرها البعضُ بأن الخروج كان عند السلف أولًا، ثم بعد ذلك استقر الأمر على عدم الخروج، كما يقول أبو الحسن المأربي؛ يقول لي -في مجلسٍ معه-: إن كان الأول الصحابة.. ابن عمر كان له رأيه، والحسين كان له رأيه وكذا، فلما حصل إنه القتال يعني استحروا هذا، وحصلت مفاسد، أجمع أهل العلم على عدم الخروج على الحاكم الظالم.
قلتُ له: إذن مُستنَد الإجماع حينئذٍ سيكون الواقع وليس النص، فهل مستند الإجماع هو الواقع؟!! يعني لما حصلَ في الواقع هذا، حصلَ الإجماعُ؟!! ولم يكن النصُّ هو دليل الإجماع؟!!
لأنه حاجة من اتنين: يا نص النبي هو دليل الإجماع؛ وبالتالي لا ننظر إلى الواقع.. يا الواقع هو دليل الإجماع؛ وبالتالي سننظر إلى النصوص العامة في المصالح والمفاسد لا إلى النصوص الخاصة في عدم جواز الخروج على الحاكم الظالم.
وحينئذٍ لم يَرُدْ بأي رد في هذا إلا إنه مُصِر على أن هذا هو على هذا الباب!!
نقول: طيب، بالنسبة.. فإذن قوله: هل صحيح أنه كان في أول الأمر منهج السلف الخروج على الحاكم الظالم ثم استقر؟!
ليس كذلك، السلف -رحمهم الله تعالى- ما قرروا غير هذا، والصحابة ما قرروا غير هذا؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الذي قالَ ذلك.
لكن تعلق المتعلقون بهذا بعبارةٍ ذكرها ابن حجر -رحمه الله تعالى- في ترجمة الحسن بن صالح في (التقريب)؛ فقال: (وكان مذهبًا للسلف قديمًا)، وبعبارةٍ لشيخ الإسلام في (منهاج السنة): (ثم استقر...).
فقالوا: يُفهم من هذا، إن لم يكن هناك إجماع، ثم حصل.
أما عبارة ابن حجر؛ فإنه استُدركت عليه.. قد رُدّ عليه، وأن ابن حجر إنما عبّر ولم ينقل، إنما عبّر يعني هو استنتج إن كان هذا مذهبًا للسلف؛ بناءً على خروج الحسين -أو سعيد بن جبير- ولم ينقل بنصٍ أو عما تقرر عند السلف هذا الأمرُ.
ولهذا العلما ردوا عليه في قوله هذا: (وكان مذهبًا قديمًا للسلفِ). إلا أن يقصد ابن حجر: وكان مما ذهب إليه بعضُ السلف..
وراجعوا شرح الشيخ صالح آل الشيخ على (الطحاوية) وهو يُنبِّه إلى هذا الملحظ وهذا المعنى، وهو يبين كلام ابن حجر -رحمه الله تعالى-.
لم يكن خلافٌ حتى نقول: استقر، وإنما كان فعلُ بعض السلفِ على خلاف النص، كما حصل من الحسين -رضي الله عنه-، وكما حصل من سعيد بن جبير، وفتنة القُرَّاء.. هذا حصل، والقاعدة عندنا سهلة وبسيطة في هذا: إذا أفتى بعضُ الصحابة -إذا عمل بعض الصحابة- بشيءٍ خالف النص.. قولُ مَن نأخذ؟ قول الصحابي وفعله، ولَّا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-؟!
قولُ النبي، ولهذا ما زالت عائشة تُنكِر على الصحابة، وما زال عائشة يُنكَر عليها، وابن عباس، وابن عمر، وكذا، أنكرَ على الحسين، ونفسه الحسين رجع عن هذا، وأرادَ أن يسلم من هذا كله، وأن يرجع إما إلى: يزيد، ولَّا إلى ثغرٍ، أو يعود إلى المدينة، ولكنهم أبوا إلا أن يقتلوه.
ولهذا ابن تيمية يقول: ولم يُفرِّق الحسين جماعة المسلمين. وقفَ ورجعَ عن ذلك -رضي الله عنه-.
طيب، الحسين يرجع وانته لسه على موقف الحسين؟!! هو رجعَ وانته على موقفه؟!! دِي مسألة.
المسألة بئه المهمة جدًا، وأرجو تنتبهوا ليها يا إخواني، اللي هي: هل الحسين خرجَ لأنه يرى الخروج على الحاكم الظالم؟!!
خلي بالك فيه فَرْقٌ بين أن نُقرِّر قاعدة اسمها الخروج على الحاكم الظالم، وهذه لم يرها لا ابن جبير ولا الحسين، ودي ملحظ في غاية النفاسة؛ لأن الحسين لما خرج، مش خرج لأنه يجوز الخروج على الحاكم الظالم!!، ولم يكن الحسين أن يفعلَ هذا.
وإنما خرج لأنه لا يرى ولاية يزيد أصلًا.. إن معاوية ولَّى ابنه، لأ ما نعرفش الكلام ده.. مش هنبايعه هذا، وأهل الكوفة قالوا: تعال نبايعك..
هو لم ير بيعته أصلًا!!، وهذا فَرْقٌ ألا أرى إن ده هو الإمام، وأنْ أخرج على الحاكم الظالم.. الحسين ما يفرق عن ابن عباس وابن عمر اللي أنكروا عليه.. ومن هنا يُفهم جواب -خلي بالك- مَن أحدثَ شبهةً، وهو: إنه يقولك إيه: ماشي إحنا معاكم إن ابن عباس وابن عمر أنكروا على الحسين، بس ما ألُّوش (=لم يقل له): إنه لا يجوز الخروج على الحاكم الظالم، قالوا له: إحنا خايفين عليك، فعللوه بالخوف، مش الخروج على الحاكم الظالم.
نقول بئه -يأتي الجواب-: أنه أصلًا ما خرجَ على الحاكم الظالم، ولهذا قالوا له ذلك، وإنما هو لم ير هذا.. يرى أن بيعته كذا، وبالتالي خرج يبايعونه فقالوا: لا، انته رايح فين؟! أنتَ ستُقتل، وأنتَ كذا، وأنتَ كذا، حتى قال: أستودعكَ اللهَ من قتيلٍ.
وأما ابن جبير فكما نقلَ النووي أن بعض السلفِ -ونقل بعض أئمة السنة عن بعض السلف هذا- يرون -أن بعض السلف يرون- كفرَ الحجاج، وبعض مَن خرج كان يرى الكفر، والنبي يقول: (إلا أن تروا كفرًا)؛ فهذا اجتهادٌ.. هذه أجوبة كلها متكاملة.
إذن الخروج على الحاكم الظالم إجماعٌ، وهو ما تقرر عند السلف منذ قال النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا، ومَن يُخالِف ما قاله النبي؟!!
ولهذا ابن عمر اللي يقولك إن هو ما أنكرش (=لم يُنكِر) على الحسين إن انته.. لم يستدل له بالخروج على الحاكم الظالم.. هاه؟
قلنا له: ما ذكرناه، ومما يؤيد ما ذكرناه أنه -رضي الله عنه- قد استدل بالنصوص على هذا مع مَن بئه؟ مع مَن خرج على يزيد في هذا، لمَّا جاء إلى ابن مطيع، ولمَّا جمع أبناءه وذكرَ حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يُجعل لكل غادرٍ لواء يوم القيامة وكذا وكذا)، نعم». اهـ
هل أعجبك الموضوع ...؟

اشترك معنا و تابع جديد المدونة :)

كن من متابعينا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جزاكـمـ الله خيراً
أخوكمـ (أبوأويس أحمد بن جمال )

Best Blogger Gadgets